تُعتبر الدول ذات الاقتصادات المعتمدة على قطاع صناعة النفط من إنتاج وتصدير وما إلى ذلك الأكثر تضرراً في عام 2020، وفي مقدمتها المملكة العربية السعوديّة التي تٌعد واحدة من أكثر الدول إنتاجاً وتصديراً على مستوى العالم، فقد شهد سعر برميل النفط السعودي العديد من التقلبات تبعاً لعوامل مختلفة. في هذا المقال سنتناول العوامل التي أثرت على سعر النفط السعودي خلال هذا العام، الإضافة إلى توقعات الأسعار في الفترة القادمة وكميّة الإنتاج اليومي.
مما لا شكّ فيه أنّ عام 2020 واحد من أسوأ الأعوام على الإطلاق بالنسبة لقطاع صناعة النفط، فقد شهد هذا العام عدداً من الأحداث أهمها انتشار فيروس كورونا COVID-19، الذي أدى إلى فرض إغلاق كامل للمدن والمصانع بالإضافة إلى إيقاف الحركة البريّة والجويّة في جميع أنحاء العالم، وبالنتيجة تراجع كبير في الطلب على المشتقات النفطيّة، وانهيار تاريخي لم يسبق له مثيل في أسعار النفط الخام وانكماش في الاقتصاد العالمي ككل مما أثر على أسعار النفط العالمية ومنها سعر برميل النفط السعودي.
العوامل التي أثرت على سعر برميل النفط السعودي في عام 2020
جائحة فيروس كورونا COVID-19
دفع ظهور فيروس كورونا COVID-19 القاتل والمخاطر المرتبطة به الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ إجراءات صارمة لاحتوائه والحد من انتشاره بشكل واسع، فشهدت معظم المدن حول العالم حالة إغلاق كاملة لكافة المرافق والقطاعات الصناعيّة والفعاليات الاقتصاديّة، بالإضافة إلى إغلاق الحدود البريّة والبحريّة أمام القادمين والمغادرين، وإيقاف معظم الرحلات الجويّة وخطوط الطيران عن العمل.
وضعت الإجراءات السابقة الاقتصاد العالمي تحت ضغط لم يشهده منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، فتراجع الطلب على النفط الخام بشكل كبير جداً وبات هناك فائض ضخم بدون وجود مشترين، مما انعكس بشكل سلبي على الأسعار التي انخفضت إلى مستويات قياسية نتيجة هذا الفرق الكبير بين العرض والطلب، حيث تشير توقعات وكالة معلومات الطاقة الأمريكيّة (EIA) إلى تراجع الطلب في عام 2020 بمقدار 9.3 مليون برميل يومياً عن عام 2019، وذلك حتى مع رفع الحظر عن التنقل والرحلات الجويّة في النصف الثاني من العام.
إضافةً إلى انخفاض الطلب قامت بعض الدول المستوردة للنفط الخام بتخزين كميات كبيرة منه مستغلةً الأسعار المنخفضة، كما لجأ بعض المنتجون إلى تخزين فائضهم من النفط في البحر من خلال استئجار الناقلات بتكاليف عالية، يُعتقد أنّها تخطت حاجز 100 ألف دولار يومياً لكل ناقلة مما أدى إلى تفاقم الأزمة، وبطبيعة الحال تأثّر سعر برميل النفط في السعودية كبقية الدول.
أزمة تخفيض إنتاج النفط السعوديّة الروسيّة
مع بداية شهر مارس من عام 2020 بدأ الطلب على النفط بالانخفاض بشكل ملحوظ، فطلبت منظمة الدول المصدرة للنفط (OPEC) من روسيا تخفيض إنتاجها بغية إبقاء السعر ضمن مستويات مقبولّة، لكنّ رفض الأخيرة أدى إلى توقّف التنسيق واندلاع منافسة بينها وبين المملكة العربية السعوديّة للحفاظ على الحصة السوقيّة لكل منهما، حيث استجابت السعوديّة للرفض الروسي بزيادة إنتاجها اليومي مما تسبب بانخفاض هائل في سعار برميل النفط السعودي وغيره.
بعد عودة المحادثات في مطلع شهر أبريل وافق كل من الدول الأعضاء في OPEC وحلفاؤهم من خارجها أو ما يعرف بمنظمة OPEC+ التي تضم روسيا على تخفيض الإنتاج بمقدار 10 مليون برميل يومياً، وتبعها المزيد من التخفيضات في شهر يوليو سعياً لإعادة التوازن لسوق النفط، فأدى ذلك إلى تحسّن أسعار النفط السعودي والعالمي وعودتها للارتفاع بشكل تدريجي.
توقعات أسعار النفط السعودي خلال الفترة القادمة
تشير التقارير إلى أنّ المملكة العربيّة السعوديّة ستشهد ارتفاعاً بعائدات النفط وستحصل على حصّة أكبر من السوق بمجرد استقراره بفضل تخفيضات الإنتاج الحاليّة، فمن المرجح أن يُشكل الوضع النفطي الحالي أساساً لقفزة كبيرة في الأسعار مستقبلاً، إذ أنّ تخطي أزمة فيروس كورونا وتعافي النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي سيعني المزيد من الطلب العالمي على النفط الخام.
بحسب توقعات وكالة معلومات الطاقة فإنّ استهلاك النفط العالمي سيعود إلى طبيعته بحلول الربع الرابع من عام 2020 رغم الانخفاض الكبير خلال الربعين الثاني والثالث، وسيرافق ذلك انخفاض طفيف في مستويات الإنتاج مقارنة بالربع الأول من العام، وبالتالي قد ينعكس ذلك بشكل إيجابي على سعر النفط السعودي وأسعار النفط عموماً، فصادرات المملكة العربيّة السعوديّة إلى الصين كانت قد ارتفعت بالفعل في شهر أبريل إلى حوالي 2.2 مليون برميل يومياً، أي أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريباً، وستعني عودة الاستهلاك ارتفاعاً أكبر في تلك الصادرات.
إنتاج النفط اليومي في المملكة العربيّة السعوديّة
تحتل المملكة العربية السعوديّة المركز الثاني في ترتيب الدول الأكثر إنتاجاً للنفط الخام في العالم، حيث بلغ معدل إنتاجها بين عامي 2002 و2020 حوالي 9.446 مليون برميل يومياً، وقد بلغ الإنتاج ذروته في شهر أبريل من هذا العام عندما وصل إلى 11.642 مليون برميل يومياً، لكن بعد اتفاقيات تخفيض الإنتاج للحفاظ على استقرار السوق في ظل أزمة فيروس كورونا، خفّضت السعودية إنتاجها ليصل إلى حوالي 7.577 مليون برميل يومياً في شهر يونيو الماضي.