خلال العقد الماضي تمكّنت شركة واير كارد الألمانيّة من النموّ بشكل كبير وسط عالم تسيطر فيه الشركات الأمريكية على معظم المجالات(تعرف على افضل الاسهم الامريكية للاستثمار)، فقد كانت واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا الماليّة في أوروبا، وذلك بفضل الخدمات العديدة التي كانت تقدّمها في مجال الدفع الإلكتروني، حيث وصل رأس مالها السوقي إلى أكثر من 24 مليار يورو خلال أفضل فتراته، وذلك قبل أن يتمّ الكشف رسمياً عن فضيحة “واير كارد” التي أدّت لانهيار أسهم الشركة.
أدّت فضيحة Wirecard في النهاية لإعلانها الإفلاس بعد الكشف عن فقدان مبلغ 1.9 مليار يورو واستقالة رئيسها التنفيذي، وهو ما طرح الكثير من الأسئلة حول كيفيّة عمل هذه الشركة وتعامل هيئات الرقابة الألمانيّة مع الادعاءات والاتهامات الكثيرة التي تمّ توجيهها لواير كارد قبل انهيارها. وفي حال كنت مهتماً بمعرفة ما حدث مع هذه الشركة منذ البداية تابع معنا هذا المقال، حيث سنسلّط الضوء على تاريخها والاتهامات التي تعرّضت لها وسبب انهيار قيمة أسهمها.
من هي شركة Wirecard؟
تأسّست شركة واير كارد في ألمانيا عام 1999، حيث كانت مختصّة حينها بخدمات الدفع الإلكتروني من خلال الإنترنت، وقد كانت سياستها مثيرة للجدل منذ البداية حيث قامت بالتعاقد مع مواقع المقامرة لتقديم خدمات الدفع الإلكتروني بالإضافة لبعض المواقع الأخرى المشابهة، وبعد سنوات قليلة انضمّ لها المستثمر Markus Braun الذي بقي يشغل منصب الرئيس التنفيذي منذ ذلك الوقت وحتى انهيار الشركة.
في عام 2004 تمّ إدراج شركة Wirecard في سوق أسهم Neuer الألماني من خلال عمليّة تدعى الاستحواذ العكسي (Reverse Takeover) أو RTO، والتي تمثّلت بدمج واير كارد مع شركة أخرى مدرجة في سوق Neuer تدعى InfoGenie، وذلك تمكّنت الشركة من تجاوز الكثير من خطوات التدقيق التي كان من المفترض عملها في حال قيام واير كارد بعملية العرض العام الأوّلي بالطريقة المعروفة.
خلال مسيرتها المثيرة للجدل قامت شركة Wirecard بعمليّات استحواذ واسعة لشركات محليّة في عدّة مناطق حول العالم، وبذلك وسّعت نشاطها بشكل كبير، ومنذ تلك الفترة كانت الشركة تتعرّض لكثير من الاتهامات معظمها كان من صحيفة Financial Times التي نشرت الكثير من التقارير عن سياسات الشركة المريبة، وعلى الرغم من ذلك استمرّت أسهم الشركة بالارتفاع وأرباحها بالازدياد أيضاً.
في شهر يونيو الماضي كان من المفترض أن تقوم واير كارد بنشر نتائج تدقيق حساباتها من عام 2019، ولكنّ المفاجأة كانت إعلان الشركة عن فقدان مبلغ 1.9 مليار يورو. نتيجة لهذه الفضيحة انهارت قيمة سهم Wirecard وأعلنت الشركة إفلاسها بعد أن أقرّت أخيراً عن تواجد عمليّات احتيال محاسبيّة قد تعود لسنوات.
ما هي الخدمات التي كانت تقدّمها شركة واير كارد؟
تختص شركة Wirecard بمجال الخدمات الماليّة بشكل رئيسي، والتي تشمل معالجة بطاقات الائتمان وخدمات إدارة المخاطر والدفع من خلال الهواتف أيضاً، كما كان لها شراكات عديدة مع عدّة شركات أخرى تعمل في نفس المجال بالإضافة لامتلاكها بنك Wirecard Bank أيضاً، وقد اشتهرت بكونها تطمح لجعل العاملات الماليّة بين الأفراد أن تتمّ بدون استخدام الأموال التقليديّة.
على الرغم من تواجد الكثير من المنافسين في مجال عمل الشركة إلّا أنّها تمكّنت من دخول الكثير من الأسواق من خلال الاستحواذ على بعض الشركات المحليّة بالإضافة لتعاملها مع شركات أخرى في الدول التي لم تكن تمتلك ترخيصاً للعمل فيها، حيث كانت تلك الشركات تقوم بمعالجة معاملات الدفع من خلال واير كارد ودفع رسوم لها مقابل ذلك.
هل يعد شراء سهم Wirecard فكرة جيدة؟
بعد فضيحة “واير كارد” الأخيرة وإعلان الشركة بالإفلاس، انخفضت قيمة أسهمها بشكل كبير، ونتيجة لذلك فإنّ البعض قد يظن أنّ شراء سهم Wirecard فكرة جيّدة نظراً لسعره المتدنّي وطمعاً بارتفاع سعره في الفترة القادمة، ولكن تطبيق هذا المبدأ على اسهم هذه الشركة لا يعتبر تصرّفاً حكيماً في الواقع، حيث أنّ التحقيقات ما زالت جارية ومن غير المعروف ما قد تؤول له الأمور وبالتالي فإنّ مصير سعر السهم ما يزال مجهولاً.
تعرف على: الاكتتابات الجديدة
هل من الممكن أن يستعيد سهم واير كارد قيمته من جديد؟
في المجال التقني قد لا تبدو هذه الفكرة مستبعدة، ففي الفترة التي سبقت فضيحة “واير كارد” كانت الشركة تقدّم العديد من الخدمات الماليّة للكثير من المؤسسات والشركات الأخرى، وفي حال تمكّنت من النهوض من جديد بدون الإدارة القديمة بعد انتهاء التحقيقات الحاليّة فإنّ سعر السهم قد يتحسّن مع مرور الوقت، ولكن من المستبعد أن يصل لقيمته السابقة بسهولة وقد يستغرق الأمر فترة طويلة قبل أن يصبح هذا الأمر ممكناً.
ما سبب انهيار سهم Wirecard بهذا الشكل؟
خلال عدّة أيام انخفض سعر سهم واير كارد من 104 يورو في 17 من شهر يونيو إلى 13 يورو في اليوم 22 من نفس الشهر، ومن ثمّ استمر بالانخفاض ليصل إلى 1.4 يورو بعد أيام قليلة، والسبب وراء ذلك أنّ تلك الفترة شهدت استقالة الرئيس التنفيذي Markus Braun بالإضافة لإعلان الشركة عن فقدانها لمبلغ 1.9 مليار يورو، حيث سارع المستثمرون حينها لبيع ما لديهم بأسعر وقت لتفادي انهيار السهم بشكل أكبر، والنتيجة كانت وصول سعره إلى ما هو عليه الآن.
هل خرجت شركة واير كارد من السوق بالكامل؟
في حال كنت تتابع اخبار Wirecard في الفترة الأخيرة ستلاحظ أنّ الجواب على هذا السؤال يعتبر معقّداً بعض الشيء، حيث أنّ واير كارد عبارة عن سلسلة من الشركات الفرعيّة المتوزّعة في كثير من المناطق حول العالم، بعضها سيكون مشمولاً بعمليّة الإفلاس والانحلال وبعضها ما يزال وضعه غير معروفاً حتى اليوم، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأت الكثير من الحكومات بالتحرّك ضدّ تلك الشركات الفرعيّة الموجودة على أراضيها لإيقاف عملها أو التحقيق معها بعد الفضيحة.
بالنسبة للشركة الأمّ وبحسب البيان الصحفي من موقعها الرسمي فإنّ بعض أعمالها ستبقى نشطة خلال عمليّة الإفلاس التي تتضمّن تقييم أصول الشركة والدفع للدائنين، حيث أنّ المقرّ الرئيسي يعتبر المسيّر لكثير من الشركات الفرعيّة التي قد لا تُشمل بعمليّة الإفلاس وبالتالي فإنّ وجود السلطة المركزيّة في الوقت الحالي يعتبر مهماً لاستمرار عمل تلك الأفرع.
على أيّة حال بدأت الكثير من الشركات الأخرى بإيقاف أعمالها وإلغاء عقودها مع واير كارد، وبالنظر للسمعة السيئة المرتبطة بها فعلى الأغلب ألّا تعود للسوق أبداً بوضعها الحالي وإنّما قد يتمّ شراؤها أو شراء تقنيّاتها لتعمل ضمن شركات أخرى في نفس المجال.