يعتبر الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) اليوم واحداً من أهمّ المجالات في قطاع التقنيّة، حيث أصبح من السهل إيجاد الكثير من التطبيقات والأجهزة التي تعتمد عليه بشكل جزئي أو كامل حتى، وتحوّل من أفكار الخيال العلمي لواقع حقيقي نعيشه اليوم في الكثير من تفاصيل حياتنا، وهو ما جلب معه الكثير من الجدل حول مستقبل هذه التقنيّة وتأثيراتها السلبية المحتملة.
اليوم أصبح من السهل أن تجد مصطلح الذكاء الاصطناعي مرتبطاً بكثير من التقنيات الجديدة أو حتى القديمة التي بدأت بالاستفادة منه أيضاً، وبالنظر للتعقيدات والتسميات الكثيرة المرتبطة بهذا المجال، سنحاول في هذا المقال توضيح أهميّة الذكاء الاصطناعي وعرض أبرز استخداماته الحاليّة فتابعوا معنا لمعرفة المزيد.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي لكثير من التقنيات التي يتمّ من خلالها تقليد أو محاكاة الذكاء البشري باستخدام الأجهزة والبرمجيات المختلفة المخصّصة لذلك، وعلى الرغم من تواجد الكثير من الاختلافات حول المعايير المستخدمة لتحديد ما إذا كانت تقنيّة ما مشمولة تحت مظلّة الذكاء الاصطناعي أم لا، فقد أصبح هنالك الكثير من التطبيقات المختلفة في هذا المجال، خاصّة خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تزايد كبير بالاعتماد على التقنيّة في الكثير من جوانب الحياة.
بشكل مشابه بعض الشيء لكيفيّة تعامل الإنسان مع المعطيات الموجودة حوله واتخاذه القرارات المناسبة لها، يعتمد الذكاء الاصطناعي على كميّة ضخمة من البيانات التي تساعده على أداء المهام المطلوبة منه بالإضافة لقدرته على التعلم مع مرور الوقت، وفي القائمة التالية سنقوم بعرض بعض من تطبيقاته التي أصبحت مستخدمة بشكل واسع اليوم:
المساعدات الشخصيّة ضمن الهواتف والحواسيب
تعتبر المساعدات الشخصية مثل Google Assistant وSiri وCortana من أبرز وأبسط تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي نستخدمها في حياتنا اليومية، حيث يمكن التواصل معها من خلال الأوامر الصوتية والكتابية مع استجابة سريعة في معظم الأحيان، وبخطوات بسيطة تستطيع التفاعل معها للقيام ببعض المهام البسيطة مثل تعيين المنبه وإرسال الرسائل وإجراء المكالمات بالإضافة لبعض الخيارات الإضافيّة أيضاً.
الكشف عن حالات الاحتيال في القطاع المالي
على الرغم من كون القطاع المالي عادةً ما يتجنّب التقنيات الجديدة التي قد تؤدّي لمشاكل مع أموال العملاء، فقد لعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في هذا المجال في الواقع، حيث أصبحت شركات مثل MasterCard وRBS WorldPay تعتمد على تقنيّات التعلّم العميق (أحد أنواع الذكاء الاصطناعي) للكشف عن الأنماط الاحتيالية المرتبطة ببطاقات الائتمان، كما بدأت بعض البنوك مثل HDFC باستخدام بوت محادثة (Chat Bot) يدعى Eva من أجل الرد على العملاء ومعالجة الكثير من المشاكل المعروفة خلال وقت قصير نسبياً.
توقّع مسار اتجاه الأسواق في مجال التداول
عادةً ما يتمّ الاعتماد على خبرات المحلّلين لتوقّع حركة سوق الأسهم والفوركس والكثير غيرها، ولوقت طويل بقيت الخبرات البشريّة هي الحلّ الوحيد أمام المستثمرين والمؤسسات المالية في هذا الجانب، ولكنّ الذكاء الاصطناعي اليوم أصبح قادراً على المنافسة في الواقع، وذلك بفضل قدرته على تحليل كمّ هائل من البيانات وتقديم نتائجه خلال وقت قصير أيضاً، وقد بدأت بعض الشركات باعتماد هذه الطريقة ولكن إلى جانب المحلّلين البشر بالطبع.
اقتراح المحتوى على المستخدمين بحسب اهتماماتهم
تستخدم الكثير من خدمات بث الموسيقى والفيديو تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدمين، وذلك من خلال تحليل اهتماماتهم واقتراح المحتوى المناسب عليهم بالاعتماد على ذلك، حتى أنّ بعض منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك أصبحت تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير لتحسين خوارزمية التوقّع خاصّتها من أجل اقتراح مقاطع الفيديو المناسبة للمستخدمين.
مجالات أخرى
يتمّ الاعتماد الذكاء الاصطناعي اليوم في العديد من المجالات الأخرى، وذلك يشمل قطاع الرعاية الصحية والزراعة والطاقة وعلوم البيانات وغيرها الكثير، كما أنّها تلعب دوراً كبيراً في مجال التسويق الإلكتروني لاقتراح المنتجات للمستهلكين أيضاً، ولكن بالنسبة للمجالات الإبداعيّة فما زال الطريق طويلاً أمامها لمنافسة الذكاء البشري.
ما سبب أهميّة الذكاء الاصطناعي؟
تكمن أهميّة الذكاء الاصطناعي في قدرته الكبيرة على تحليل البيانات ومعالجتها واستخلاص أفضل النتائج الممكنة، وفي يوم أصبحت فيه البيانات متاحة بشكل أكبر بكثير من السابق، مع تطوّر قدرة الحواسيب على معالجة العمليّات المعقّدة التي قد تحتاجها تقنيات الذكاء الاصطناعي، سيكون له دور كبير في دفع عجلة التطوّر نحو الأمام وتقديم الكثير من الفوائد في جميع نواحي الحياة.
كثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الجديدة تظهر كل يوم، حيث أصبح هنالك العديد من الأدوات والبرمجيّات المختلفة التي تساعد أصحاب الخبرات المتواضعة في هذا المجال على تجربة أفكارهم وتفتح لهم أفقاً واسعة للابتكار والاختراع. مع تطوّر تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة والتعلم العميق والشبكات العصبونية والحوسبة الإدراكيّة، سيصبح من الممكن تنفيذ الكثير من المهام المفيدة بتكاليف أقل ووقت أقصر ودقّة أعلى في بعض الأحيان أيضاً، وذلك بغض النّظر عن الجوانب السلبيّة المحتملة التي قد تظهر في المستقبل.
هل من الممكن أن يصبح الذكاء الاصطناعي أذكى من البشر؟
يعتبر هذا السؤال من أكثر المواضيع المثيرة للجدل خلال السنوات الأخيرة، حيث ستجد إجابات متنوّعة ومختلفة بشكل واضح عند البحث حوله، وذلك بسبب اختلاف وجهات النظر بين الخبراء على تقييم الذكاء الاصطناعي ومقارنته بالبشر. بشكل عام يعتبر الذكاء الاصطناعي وحتى الحاسوب بشكل عام قادراً على التفوّق على البشر في العديد من المجالات الحسابيّة التي تتطلّب تحليل كميّة ضخمة من البيانات، حيث أنّ هذا الجانب هو أكثر ما يميّز الذكاء الاصطناعي اليوم.
من الناحية الأخرى فإنّ المجال الإبداعي الخاصّ بالذكاء الاصطناعي ما يزال خلف البشر بشكل واضح اليوم، وهنا يختلف الخبراء على المدّة التي قد يستغرقها ليصبح قادراً على تجاوز الإنسان، وذلك بالإضافة لتمسّك البعض بالرأي المتمثّل بأنّ الذكاء الاصطناعي لن يتمكّن من الوصول لمستوى الإنسان في جميع الجوانب أبداً.
على أيّة حال، من الصعب الحكم على مستقبل الذكاء الاصطناعي بدقّة في الوقت الحالي، وحتى في حال كان قادراً على تجاوز الإنسان، فهنالك العديد من المسائل الأخلاقيّة التي يجب تحديدها ومناقشتها والاتفاق عليها قبل السماح لهذه التقنيّات بالولوج إلى حياة البشر بشكل أكبر من الآن.